بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي كتب على عباده الموت والفناء، وتفرد سبحانه بالحياة والبقاء، والصلاة والسلام على من ختمت به الرسل والأنبياء وعلى آله وأتباعه إلى يوم اللقاء .
اخوانى واخواتى :
هذه سلسلة جديدة من سلسلة وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ، ابدأها معكم بحول الله وطوله ومشيئته عن الموت وما بعده
اخوانى واخواتى
إن الموت حقيقة لا ريب فيه، ويقين لا شك فيه (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد) ق:19 فمن يجادل في الموت وسكرته؟! ومن يخاصم في القبر وضمته؟! ومن يقدر على تأخير موته وتأجيل ساعته ولو للحظة من اللحظات ؟! (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) الأعراف 34
(كل نفس ذائقة الموت) آل عمران:185 (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) الرحمن: 26،27 (كل شيء هالك إلا وجه له الحكم وإليه ترجعون) القصص:88
§ اما عن حقيقة الموت فقد يخطىء من يظن أن الموت فناء محض وعدم تام، ليس بعده حياة ولا حساب ولا حشر ولا نشر ولا جنة ولا نار . إذ لو كان الأمر كذلك لا نتفت الحكمة من الخلق والوجود، ولاستوى الناس جميعاً بعد الموت واستراحوا، فيكون المؤمن والكافر سواء، والقاتل والمقتول سواء، والظالم والمظلوم سواء، والطائع والعاصي سواء، والزاني والمصلي سواء، والفاجر والتقي سواء، وهذا مذهب الملاحدة الذين هم شر من البهائم، فلا يقول ذلك إلا من خلع رداء الحياء، ونادى على نفسه بالسفه والجنون. قال تعالى: (زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير) التغابن:7 وقال سبحانه: (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم) يس 78،79
ولو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت غابة كل حي
ولكنا إذا متنا بعـــثنا ونسأل بعده عن كل شيء
§ فالموت هو انعدام الحياة بعد وجودها ،هو انقطاع تعلق الروح بالبدن، ومفارقتها له، هوالانتقال من دار الفناء وهى الدنيا إلى دارالبقاء وهى الاخرة، لذلك قال الله سبحانه لنبيه الكريم : وللاخرة خير لك من الاولى وبالموت تطوى صحف الأعمال،و تنقطع التوبة والإمهال، قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر) رواه الترمذي وابن ماجة وصححه الحاكم وابن حبان.
§ والموت من أعظم المصائب التى تصيب بنى البشر بل وتصيب جميع المخلوقات، وقد سماه الله تعالى مصيبة في قوله سبحانه: (فأصابتكم مصيبة الموت) المائدة: 106 فإذا كان العبد طائعاً ونزل به الموت ندم أن لا يكون ازداد وإذا كان العبد مسيئاً تدم على التفريط وتمنى العودة إلى دار الدنيا، ليتوب إلى الله تعالى، ويبدأ العمل الصالح من جديد. ولكن هيهات هيهات!! قال تعالى : (وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين) فصلت: 24 وقال سبحانه (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب أرجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) المؤمنون: 99،100
§ واقرأوا معى هذه العظة
قد مضى العمر وفات يا أسير الغفلات
حصّل الزاد وبادر مسرعا قبل الفوات
فإلى كم ذا التعامى
عن أمور واضحات
وإلى كم أنت غارق
في بحار الظلمات
لم يكن قلبك أصلا
بالزواجر والعظات
بينما الإنسان يسأل
عن أخيه قيل مات
وتراهم حملوه
سرعة للفلوات
أهله يبكوا عليه
حسرة بالعبرات
أين من قد كان يفخر
بالجياد الصافنات
وله مال جزيل
كالجبال الراسيات
سار عنها رغم أنف
للقبور الموحشات
كم بها من طول مكث
من عظام ناخرات
فاغنم العمر وبادر
بالتقى قبل الممات
واطلب الغفران ممن
ترتجي منه الهبات
اخوانى واخواتى
لقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على ذكر الموت والإكثار منه، فقال عليه الصلاة والسلام : (أكثروا ذكر هاذم اللذات) والحكمة من الاكثار من ذكر الموت هى ان من اكثر من ذكر الموت
§ تراه وقد نغص عليه ذكر الموت لذته الحاضرة، ومنعه من تمنيها في المستقبل، وزهده فيما كان منها يؤمل ويرجوا، ولكن النفوس الراكدة، والقلوب الغافلة، تحتاج إلى تطويل الوعاظ، وتزويق الألفاظ، وإلا ففي قوله عليه الصلاة والسلام: «أكثروا ذكر هاذم اللذات» مع قوله تعالى: (كل نفس ذائقة الموت)آل عمران:185 ما يكفي السامع له، ويشغل الناظر فيه.
§ ولذكر الموت فوائد لابد لنا ان نتوقف عندها منها:
§ أنه يحث على الاستعداد للموت قبل نزوله.
أن ذكر الموت يقصر الأمل في طول البقاء. وطول الأمل من أعظم أسباب الغفلة.
§ أنه يزهد في الدنيا ويرضي بالقليل منها، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بمجلس وهم يضحكون فقال: (أكثروا ذكر هاذم اللذات) أحسبه قال: (فإنه ما ذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه، ولا في سعة إلا ضيقه عليه) البزار وحسنه المنذري.
§ أنه يرغّب في الآخرة ويدعو إلى الطاعة .
§ أنه يهوّن على العبد مصائب الدنيا .
§ أنه يمنع من الأشر والبطر والتوسع في لذات الدنيا .
§ أنه يحث على التوبة واستدراك ما فات .
§ أنه يرقق القلوب ويدمع الأعين، ويجلب باعث الدين، ويطرد باعث الهوى.
§ أنه يدعو إلى التواضع وترك الكبر والظلم.
§ أنه يدعو إلى سل السخائم ومسامحة الإخوان وقبول أعذارهم.
وقد يسأل سائل هل للموت سن معين او مرض معلوم
قال القرطبي: (أجمعت الأمة على أن الموت ليس له سن معلوم ، ولا زمن معلوم، ولا مرض معلوم، وذلك ليكون المرء على أهبة من ذلك، مستعداً لذلك)
اخوانى واخواتى :
لقد كان الصالحون من السابقين يستعدون للموت ويتهيئون له كما كانوا يحيون دائما وهم للموت ذاكرين ، وتعالوا لنرى بعض اقوالهم عسى ان نقتدى بهم
§ كان يزيد الرقاشي يقول لنفسه: (ويحك يا يزيد! من ذا يصلي عنك بعد الموت؟ من ذا يصوم عنك بعد الموت؟ من ذا يترضى ربك عنك بعد الموت؟ ثم يقول: أيها الناس! ألا تبكون وتنوحون على أنفسكم باقي حياتكم؟مَن الموت طالبه .. والقبر بيته .. والتراب فراشه .. والدود أنيسه .. وهو مع هذا ينتظر الفزع الأكبر .. كي يكون حاله؟ ) ثم يبكي رحمه الله
§ وقال التميمي: (شيئان قطعا عني لذة الدنيا: ذكر الموت، وذكر الموقف بين يدي الله تعالى)
§ وكان عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه يجمع العلماء فيتذكرون الموت والقيامة والآخرة، فيبكون حتى كأن بين أيديهم جنازةَ!!
§ وقال الدقاق: من أكثر من ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، وترك الرضى بالكفاف، والتكاسل في العبادة)
§ وقال الحسن: (إن هذا الموت قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم، فالتمسوا عشياً لا موت فيه)
أذكر الموت ولا أرهبه
إن قلبي لغليط كالحجر
أطلب الدنيا كأني خالد
وورائي الموت يقفو بالأثر
وكفى بالموت فاعلم واعظاً
لمن الموت عليه قدر
والمنايا حوله ترصده
ليس ينجي المرء منهن المفر
فيا اخوانى واخواتى
يا من غرتك الدنيا الفانية تفكر في الموت وسكرته، وصعوبة كأسه ومرارته، فيا للموت من وعد ما أصدقه، ومن حاكم ما أعدله. كفى بالموت مقرحاً للقلوب، ومبكياً للعيون، ومفرقاً للجماعات، وهاذماً للذات، وقاطعاً للأمنيات.
§ فيا جامع المال! والمجتهد في البنيان ! ليس لك والله من مالك إلا الأكفان، بل هي والله للخراب والذهاب، وجسمك للتراب والمآب، فأين الذي جمعته من المال؟ هل أنقذك من الأهوال؟ كلا .. بل تركته إلى من لا يحمدك، وقدمت بأوزارك على من لا يعذرك.
§ ولقد أحسن من قال في تفسير قوله تعالى : (ولا تنس نصيبك من الدنيا) القصص: 77 هو الكفن، فهو وعظ متصل بما تقدم من قوله: (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة) القصص:77 أي اطلب فيما أعطاك الله من الدنيا الدار الآخرة وهي الجنة، فإن حق المؤمن أن يصرف الدنيا فيما ينفعه في الآخرة، لا في الطين والماء، والتجبر والبغي، فكأنهم قالوا: لا تنس أن تترك جميع مالك إلا نصيبك الذي هو الكفن.
هي القناعة لا تبـغ بها بدلاً فيهــا النعيم وفيها راحــة البدن
انظر لمن ملك الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير القطن والكفن؟!
فيا اخوانى واخواتى :
أين استعدادكم للموت وسكرته؟ أين استعدادكم للقبر وضمته؟أين استعدادكم للمنكر والنكير ؟ أين استعدادكم للقاء العلي القدير ؟
وقال سعيد بن جبير: (الغرة بالله أن يتمادى الرجل بالمعصية، ويتمنى على الله المغفرة)
تزود من التقوى فإنك لا تدري
إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر
فكم من صحيح مات من غير علة
وكم من سقيم عاش حينا من الدهر
وكم من صبي يرتجى طول عمره
وقد نسجت أكفانه وهو لا يدرى
واخيرا اخوانى واخواتى
هذه تذكرة فمن شاء ذكره ، وهذا هو اللقاء الاول فى سلسلة الموت وما بعده
عسى ان ترقق قلوبنا وتساعدنا على ذكر ربنا جل وعلا
والى لقاء قادم بإذن الله تعالى لنستكمل مع موضوع سكرات الموت
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
اخيكم فى الله / الشيخ محسن عطالله ابو بهاء المصرى
امام وخطيب مسجد المختار
الحمد لله الذي كتب على عباده الموت والفناء، وتفرد سبحانه بالحياة والبقاء، والصلاة والسلام على من ختمت به الرسل والأنبياء وعلى آله وأتباعه إلى يوم اللقاء .
اخوانى واخواتى :
هذه سلسلة جديدة من سلسلة وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ، ابدأها معكم بحول الله وطوله ومشيئته عن الموت وما بعده
اخوانى واخواتى
إن الموت حقيقة لا ريب فيه، ويقين لا شك فيه (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد) ق:19 فمن يجادل في الموت وسكرته؟! ومن يخاصم في القبر وضمته؟! ومن يقدر على تأخير موته وتأجيل ساعته ولو للحظة من اللحظات ؟! (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) الأعراف 34
(كل نفس ذائقة الموت) آل عمران:185 (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) الرحمن: 26،27 (كل شيء هالك إلا وجه له الحكم وإليه ترجعون) القصص:88
§ اما عن حقيقة الموت فقد يخطىء من يظن أن الموت فناء محض وعدم تام، ليس بعده حياة ولا حساب ولا حشر ولا نشر ولا جنة ولا نار . إذ لو كان الأمر كذلك لا نتفت الحكمة من الخلق والوجود، ولاستوى الناس جميعاً بعد الموت واستراحوا، فيكون المؤمن والكافر سواء، والقاتل والمقتول سواء، والظالم والمظلوم سواء، والطائع والعاصي سواء، والزاني والمصلي سواء، والفاجر والتقي سواء، وهذا مذهب الملاحدة الذين هم شر من البهائم، فلا يقول ذلك إلا من خلع رداء الحياء، ونادى على نفسه بالسفه والجنون. قال تعالى: (زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير) التغابن:7 وقال سبحانه: (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم) يس 78،79
ولو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت غابة كل حي
ولكنا إذا متنا بعـــثنا ونسأل بعده عن كل شيء
§ فالموت هو انعدام الحياة بعد وجودها ،هو انقطاع تعلق الروح بالبدن، ومفارقتها له، هوالانتقال من دار الفناء وهى الدنيا إلى دارالبقاء وهى الاخرة، لذلك قال الله سبحانه لنبيه الكريم : وللاخرة خير لك من الاولى وبالموت تطوى صحف الأعمال،و تنقطع التوبة والإمهال، قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر) رواه الترمذي وابن ماجة وصححه الحاكم وابن حبان.
§ والموت من أعظم المصائب التى تصيب بنى البشر بل وتصيب جميع المخلوقات، وقد سماه الله تعالى مصيبة في قوله سبحانه: (فأصابتكم مصيبة الموت) المائدة: 106 فإذا كان العبد طائعاً ونزل به الموت ندم أن لا يكون ازداد وإذا كان العبد مسيئاً تدم على التفريط وتمنى العودة إلى دار الدنيا، ليتوب إلى الله تعالى، ويبدأ العمل الصالح من جديد. ولكن هيهات هيهات!! قال تعالى : (وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين) فصلت: 24 وقال سبحانه (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب أرجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) المؤمنون: 99،100
§ واقرأوا معى هذه العظة
قد مضى العمر وفات يا أسير الغفلات
حصّل الزاد وبادر مسرعا قبل الفوات
فإلى كم ذا التعامى
عن أمور واضحات
وإلى كم أنت غارق
في بحار الظلمات
لم يكن قلبك أصلا
بالزواجر والعظات
بينما الإنسان يسأل
عن أخيه قيل مات
وتراهم حملوه
سرعة للفلوات
أهله يبكوا عليه
حسرة بالعبرات
أين من قد كان يفخر
بالجياد الصافنات
وله مال جزيل
كالجبال الراسيات
سار عنها رغم أنف
للقبور الموحشات
كم بها من طول مكث
من عظام ناخرات
فاغنم العمر وبادر
بالتقى قبل الممات
واطلب الغفران ممن
ترتجي منه الهبات
اخوانى واخواتى
لقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على ذكر الموت والإكثار منه، فقال عليه الصلاة والسلام : (أكثروا ذكر هاذم اللذات) والحكمة من الاكثار من ذكر الموت هى ان من اكثر من ذكر الموت
§ تراه وقد نغص عليه ذكر الموت لذته الحاضرة، ومنعه من تمنيها في المستقبل، وزهده فيما كان منها يؤمل ويرجوا، ولكن النفوس الراكدة، والقلوب الغافلة، تحتاج إلى تطويل الوعاظ، وتزويق الألفاظ، وإلا ففي قوله عليه الصلاة والسلام: «أكثروا ذكر هاذم اللذات» مع قوله تعالى: (كل نفس ذائقة الموت)آل عمران:185 ما يكفي السامع له، ويشغل الناظر فيه.
§ ولذكر الموت فوائد لابد لنا ان نتوقف عندها منها:
§ أنه يحث على الاستعداد للموت قبل نزوله.
أن ذكر الموت يقصر الأمل في طول البقاء. وطول الأمل من أعظم أسباب الغفلة.
§ أنه يزهد في الدنيا ويرضي بالقليل منها، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بمجلس وهم يضحكون فقال: (أكثروا ذكر هاذم اللذات) أحسبه قال: (فإنه ما ذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه، ولا في سعة إلا ضيقه عليه) البزار وحسنه المنذري.
§ أنه يرغّب في الآخرة ويدعو إلى الطاعة .
§ أنه يهوّن على العبد مصائب الدنيا .
§ أنه يمنع من الأشر والبطر والتوسع في لذات الدنيا .
§ أنه يحث على التوبة واستدراك ما فات .
§ أنه يرقق القلوب ويدمع الأعين، ويجلب باعث الدين، ويطرد باعث الهوى.
§ أنه يدعو إلى التواضع وترك الكبر والظلم.
§ أنه يدعو إلى سل السخائم ومسامحة الإخوان وقبول أعذارهم.
وقد يسأل سائل هل للموت سن معين او مرض معلوم
قال القرطبي: (أجمعت الأمة على أن الموت ليس له سن معلوم ، ولا زمن معلوم، ولا مرض معلوم، وذلك ليكون المرء على أهبة من ذلك، مستعداً لذلك)
اخوانى واخواتى :
لقد كان الصالحون من السابقين يستعدون للموت ويتهيئون له كما كانوا يحيون دائما وهم للموت ذاكرين ، وتعالوا لنرى بعض اقوالهم عسى ان نقتدى بهم
§ كان يزيد الرقاشي يقول لنفسه: (ويحك يا يزيد! من ذا يصلي عنك بعد الموت؟ من ذا يصوم عنك بعد الموت؟ من ذا يترضى ربك عنك بعد الموت؟ ثم يقول: أيها الناس! ألا تبكون وتنوحون على أنفسكم باقي حياتكم؟مَن الموت طالبه .. والقبر بيته .. والتراب فراشه .. والدود أنيسه .. وهو مع هذا ينتظر الفزع الأكبر .. كي يكون حاله؟ ) ثم يبكي رحمه الله
§ وقال التميمي: (شيئان قطعا عني لذة الدنيا: ذكر الموت، وذكر الموقف بين يدي الله تعالى)
§ وكان عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه يجمع العلماء فيتذكرون الموت والقيامة والآخرة، فيبكون حتى كأن بين أيديهم جنازةَ!!
§ وقال الدقاق: من أكثر من ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، وترك الرضى بالكفاف، والتكاسل في العبادة)
§ وقال الحسن: (إن هذا الموت قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم، فالتمسوا عشياً لا موت فيه)
أذكر الموت ولا أرهبه
إن قلبي لغليط كالحجر
أطلب الدنيا كأني خالد
وورائي الموت يقفو بالأثر
وكفى بالموت فاعلم واعظاً
لمن الموت عليه قدر
والمنايا حوله ترصده
ليس ينجي المرء منهن المفر
فيا اخوانى واخواتى
يا من غرتك الدنيا الفانية تفكر في الموت وسكرته، وصعوبة كأسه ومرارته، فيا للموت من وعد ما أصدقه، ومن حاكم ما أعدله. كفى بالموت مقرحاً للقلوب، ومبكياً للعيون، ومفرقاً للجماعات، وهاذماً للذات، وقاطعاً للأمنيات.
§ فيا جامع المال! والمجتهد في البنيان ! ليس لك والله من مالك إلا الأكفان، بل هي والله للخراب والذهاب، وجسمك للتراب والمآب، فأين الذي جمعته من المال؟ هل أنقذك من الأهوال؟ كلا .. بل تركته إلى من لا يحمدك، وقدمت بأوزارك على من لا يعذرك.
§ ولقد أحسن من قال في تفسير قوله تعالى : (ولا تنس نصيبك من الدنيا) القصص: 77 هو الكفن، فهو وعظ متصل بما تقدم من قوله: (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة) القصص:77 أي اطلب فيما أعطاك الله من الدنيا الدار الآخرة وهي الجنة، فإن حق المؤمن أن يصرف الدنيا فيما ينفعه في الآخرة، لا في الطين والماء، والتجبر والبغي، فكأنهم قالوا: لا تنس أن تترك جميع مالك إلا نصيبك الذي هو الكفن.
هي القناعة لا تبـغ بها بدلاً فيهــا النعيم وفيها راحــة البدن
انظر لمن ملك الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير القطن والكفن؟!
فيا اخوانى واخواتى :
أين استعدادكم للموت وسكرته؟ أين استعدادكم للقبر وضمته؟أين استعدادكم للمنكر والنكير ؟ أين استعدادكم للقاء العلي القدير ؟
وقال سعيد بن جبير: (الغرة بالله أن يتمادى الرجل بالمعصية، ويتمنى على الله المغفرة)
تزود من التقوى فإنك لا تدري
إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر
فكم من صحيح مات من غير علة
وكم من سقيم عاش حينا من الدهر
وكم من صبي يرتجى طول عمره
وقد نسجت أكفانه وهو لا يدرى
واخيرا اخوانى واخواتى
هذه تذكرة فمن شاء ذكره ، وهذا هو اللقاء الاول فى سلسلة الموت وما بعده
عسى ان ترقق قلوبنا وتساعدنا على ذكر ربنا جل وعلا
والى لقاء قادم بإذن الله تعالى لنستكمل مع موضوع سكرات الموت
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
اخيكم فى الله / الشيخ محسن عطالله ابو بهاء المصرى
امام وخطيب مسجد المختار