بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي كتب على عباده الموت والفناء، وتفرد سبحانه بالحياة والبقاء، والصلاة والسلام على من ختمت به الرسل والأنبياء وعلى آله وأتباعه إلى يوم اللقاء .
اخوانى واخواتى :
هذه هى الحلقة الثالثة من سلسلة وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين والتى هى عن الموت وما بعده
وفى اللقاء السابق تحدثت معكم عن حقيقة الموت وبينت من خلال اللقاء ان الموت هو الحقيقة الكبرى فى هذه الحياة، الحقيقة التى لا يمارى فيها احد ولا يستطيع انكارها احد من بنى البشر. ثم التقيت بكم فى اللقاء الثانى لنتدارس مرحلة من مراحل الموت وهى سكرات الموت وشدتها ، واليوم بمشيئة الله تعالى وعونه وتوفيقه احدثكم عن اول منازل الاخرة ، احدثكم عن القبر وظلمته ، القبر وضمته , انجانا الله جميعا من عذاب القبر .
اخوانى واخواتى
قال تعالى: حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون [المؤمنون:99-100].
هذه مقولة يقولها الكافر عند الاحتضار ثم ما يقوله في قبره في لهفة وتمنى يريد أن يرجع إلى الدنيا حتى يعمل صالحا وهيهات هيهات وأن له الرجعى ، وبالله عليكم اجيبونى هل رأيتم او سمعتم عن احد من الناس مات وقبر ثم عاد الى دار الدنيا ليبدل اعماله التى كان قد عملها قبل الموت ؟ لا والله ما سمعنا بهذا وما رأينا ذلك ، يقول قتادة رحمه الله: إن الكافر لن يطلب أن يعود إلى مال أو أهل أو ولد إنما يتمنى أن يرجع إلى الدنيا حتى يعمل صالحا، فرحم الله امرأ عمل فيما يتمناه الكافر عندما يرى العذاب، والبرزخ الحاجز بين الدنيا والآخرة، وهي القبور حيث يُنعّم المؤمنون ويُعذّب الكافرون والعاصون والمجرمون.
فما هوالقبر؟ وما صفته؟ وهل للقبر عذاب؟ وما أسبابه؟ وكيف النجاة منه؟
القبر: أول هو منازل الآخرة، يكرم فيه المؤمن تهيئة لما ينتظره في الجنة ويعذب فيه الكافر والعاصي تهيئة لما ينتظره في جهنم.
وينبغي أن نعلم جميعا :
أن الموت كأس وكل الناس شاربه قال تعالى: كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام [الرحمن :26-27]. كل نفس ذائقة الموت [آل عمران:185]. كل شيء هالك إلا وجهه [القصص:88]. فلا منجى ولا مهرب.
الموت كأس وكل الناس شاربه ليت شعرى بعد الموت ما الدار
الدار دار نعيم ان عملت بما يرضى الاله وان خالفت فالنار
ما للعباد سوى الفردوس ان عملوا وان هفوا هفوة فالرب غفار
اخوانى واخواتى
قد يسأل سائل ، ما حكم زيارة القبور ؟ نقول وبالله التوفيق
إن زيارة القبور مستحبة لقوله : ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنها تذكركم الآخرة))([1][1]).
لما فيها من التذكر والاعتبار وكان عثمان بن عفان إذا وقف على قبر بكى حتى تبتل لحيته فسئل عن ذلك وقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتبكي إذا وقفت على قبر؟ فقال: سمعت رسول الله يقول: ((إن القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه صاحبه فما بعده أيسر وإن لم ينج منه فما بعد أشد))([2][2]).
يقول ابن القيم رحمه الله: كان النبي إذا زار القبور يزورها للدعاء لأهلها والترحم عليهم والاستغفار لهم ومر يوما بقبور المدينة، فأقبل عليهم بوجهه فقال: ((السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر))([3][3]).
وتأملوا معى فى زيارة النبى للقبور كانت الزيارة للعظة والاعتبار ، ولم تكن الزيارة كما يفعل الجهال منا الان بأن يذهبوا الى القبور وكأنهم فى رحلة ترفيهية يحملون معم ما لذ وطاب من الوان الطعام والادهى من ذلك قد تشاهدون من يحمل معه بعض الوان المعازف وتراهم يغنون ويرقصون الا من رحم ربى ولا حول ولا قوة الا بالله
وقد ورد أن الربيع بن خثيم كان قد حفر في داره قبر فكان إذا وجد في قلبه قسوة دخل فيه فاضطجع فى هذا القبر ثم يصرخ ويقول (رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت) ثم يرد على نفسه وبعد ان يخرج من قبره مسرعا : يا ربيع ها انت قد رجعت فاعمل، ووقفة على القبور تريك الأعمار المتفاوتة، ومآلك إلى هذه الحفرة الضيقة، فناء هذه الأبدان التي أوليتها اهتمامك، تركك وحيدا فلا زوجة ولا ولد.
وأما صفة القبر: او ما يحدث فى القبر فاعلم أن للقبر:
أ- كلام . القبر يتكلم مع المقبور مع الميت : للحديث: ((إن الميت يقعد وهو يسمع خطو مشيعيه فلا يكلمه شيء إلا قبره ويقول: ويحك ابن آدم أليس قد حذرتني وحذرت ضيقي ونتني ودودي فماذا أعددت لي؟))([4][4]).
ب- ان للقبر ضمة: للحديث: ((للقبر ضغطة لو نجا منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ)) وفي رواية: ((هذا الذي تحرك له العرش، وفتحت له أبواب السماء، وشهد له سبعون ألفا من الملائكة لقد ضم ضمة ثم فرج عنه))([5][5]).
ج- ان للقبر فتنة: اتفق أهل السنة والجماعة على أن كل إنسان يسئل بعد موته قبر أم لم يقبر فلو أكلته السباع أو صار رمادا لسئل عن أعماله وجزي بالخير خيرا وبالشر شرا: للحديث: ((إن الميت إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع خفق نعالهم، أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد؟ فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله قال: فيقول: انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة، وأما الكافر والمنافق فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري كنت أقول ما يقول الناس، فيقولان: لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطراق من حديد بين أذنيه فيصيح صيحة فيسمعها من عليها غير الثقلين))([6][6]).
وهنا يأتى السؤال هل للقبر عذاب؟: والاجابة على ذلك إن عذاب القبر ثابت في الكتاب والسنة.
من الكتاب
1- قال تعالى: ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون [السجدة:21]. قال ابن عباس: جزء منه في الدنيا والنصيب الأكبر منه في القبر والعذاب الأكبر هو عذاب جهنم، قال مجاهد: يعني به عذاب القبر.
2- قوله تعالى: وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب [غافر:45-46].
قال ابن كثير: وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبر([7][7]). حيث أثبت سبحانه لآل فرعون عذابا في الليل والنهار ويوم تقوم الساعة ينتقلون إلى العذاب الأكبر في جهنم.
قوله تعالى: ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون [الأنعام:93]. فالأمر لا يتأخر إلى انقضاء الدنيا فهم يعذبون قبل قيام الساعة الكبرى وهو عذاب القبر.
ب- ومن الحديث:
حديث: ((القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار))([8][8]).
((لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يريكم عذاب القبر فقالت أم بشر: وهل للقبر عذاب؟ فقال: : إنهم ليعذبون عذابا تسمعه البهائم))([9][9]).
ومن دعائه وبعد التشهد الأخير: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال))([10][10]).
ما هي أسباب عذاب القبر:
1- التهاون في الطهارة وسوء الخلق: للحديث: ((إن النبي مر على قبرين فقال: إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير، أما هذا فكان لا يستنزه من البول، وأما هذا فكان يمشي بالنميمة))([11][11]).
النميمة نقل الكلام للإفساد بين الناس والتنزه هو الاستبراء والتطهر للحديث: ((تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه))([12][12]).
2- التهاون في الوضوء وتركه نصرة أخيه المظلوم للحديث: ((أمر بعبد من عبيد الله أن يجلد في قبره مائة جلدة فما زال يسأل الله عز وجل حتى صارت جلده فلما ضرب اشتعل عليه قبره نارا فلما أفاق قال: علام جلدتموني؟، فقيل له: إنك صليت صلاة من غير طهور ومررت على مظلوم فلم تنصره))([13][13]).
وأمة الإسلام واقعة في هذا الإثم فكم من مستصرخ أو مستنجد تستباح أرضهم وأعراضهم وأمة الإسلام لاهية سادرة في عبثها ولهوها.
3- أو جريمة كالسرقة: كان رجل يقال له كركرة على متاع رسوله فمات فقال النبي : ((هو في النار وإن الشملة تشتعل عليه نارا في قبره)) فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلها))([14][14]). والغلول: السرقة من الغنيمة. والشملة: هي الكساء من الصوف يتغطى به.
يقول ابن القيم رحمه الله: فعذاب القبر عن معاصي القلب والعين والأذن واللسان والبطن والفرج واليد والرجل، ولما كان أكثر الناس كذلك كان أكثر أصحاب القبور معذبين والفائز منهم قليل فظواهر القبور تراب وبواطنها حسرات([15][15]).
وأما أسباب النجاة من عذاب القبر:
1- أعظم أسباب النجاة من عذاب القبر هي الشهادة في سبيل الله فنسأل الله أن يبلغنا إياها بمنه وكرمه أمين.
سئل رسول الله : ((ما بال الشهداء لا يفتنون في قبورهم؟ فقال: كفى ببارقة السيف على رأسه فتنة))([16][16]).ويقول: ((إن للشهيد عند الله سبع خصال: أن يغفر له من أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويحلّى حلة الإيمان، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا و ما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه))([17][17]).
2- المداومة على قراءة سورة تبارك للحديث: ((إن في القرآن سورة ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له))([18][18]).
3- الأعمال الصالحة الخالصة: للحديث: ((إن الميت إذا وضع في قبره، إنه يسمع خفق نعالهم حين يولوا مدبرين فإن كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه وكان الصيام عن يمينه وكانت الزكاة عن شماله وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلاة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه فيؤتى من قبل رأسه فتقول الصلاة: ما قبلي مدخل ثم يؤتي عن يمينه فيقول الصيام: ما قبلي مدخل، ثم يؤتي عن يساره فتقول الزكاة: ما قبلي مدخل ثم يؤتي من قبل رجليه فيقول فعل الخيرات من الصدقة والمعروف والإحسان: ما قبلي مدخل))([19][19]).
4- أن يموت يوم الجمعة أو ليلتها: للحديث: ((من مات ليلة الجمعة أو يوم الجمعة أجير من عذاب القبر وجاء يوم القيامة وعليه طابع الشهداء))([20][20]).
5- المرابط في سبيل الله: للحديث: ((رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه وأمن الفتان))([21][21]).
6- أن يحاسب العبد نفسه ويجدد توبته قبل النوم، يقول ابن القيم رحمه الله: ومن أنفع الأسباب المنجية من عذاب القبر أن يجلس الرجل عندما يريد النوم لله ساعة يحاسب نفسه فيها على ما خسره وربحه في يومه ثم يجدد له توبة نصوحا، ويفعل هذا كل ليلة فإن مات من ليلته تلك مات على توبة وإن استيقظ استيقظ مستقبلا للعمل مسرورا بتأخر أجله حتى يستقبل ربه ويستدرك ما فاته([22][22]).
ولا سيما إذا أعقب ذلك استعمال السنن عند النوم.
7- الدعاء للميت والاستغفار والصدقة عنه ووفاء ديونه وقضاء ما قصر فيه من حج فإنه له نفع للأحاديث: ((كان النبي إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل))([23][23]).
أن رجلا أتى النبي فقال: ((يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها (فاجأها الموت) ولم توص واظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم))([24][24]).
وأما موقف المسلم:
الإيمان المطلق والتصديق الذي لا شك فيه فالله ربنا ونحن عبيده، ورسول الله نبينا ونحن أتباعه وصدق الله العظيم: ومن أصدق من الله حديثا [النساء:87]. وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى [النجم:3-4].
إن عذب القبر ونعيمه غيب كما أن الجنة والنار والملائكة غيب ومن سمات المؤمنين قال تعالى: الذين يؤمنون بالغيب [البقرة:3].
إن للنفس أربع دور كل دار أعظم من التي قبلها.
الأولى (في بطن الأم) حيث يتخلق فيه وتنفخ فيه الروح.
الثانية (دار الدنيا) وفيها يكتسب العبد الحسنات والسيئات.
الثالثة (دار البرزخ) وهي أوسع ونسبتها إليه كنسبة هذه الدار إلى الأولى.
الرابعة (دار القرار) وهي الجنة أو النار فلا دار بعدها: فتبارك الله أحسن الخالقين [المؤمنون:14].
قال ابن كثير: وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبر([25][7]). حيث أثبت سبحانه لآل فرعون عذابا في الليل والنهار ويوم تقوم الساعة ينتقلون إلى العذاب الأكبر في جهنم.
قوله تعالى: ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون [الأنعام:93]. فالأمر لا يتأخر إلى انقضاء الدنيا فهم يعذبون قبل قيام الساعة الكبرى وهو عذاب القبر.
ب- ومن الحديث:
حديث: ((القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار))([26][8]).
((لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يريكم عذاب القبر فقالت أم بشر: وهل للقبر عذاب؟ فقال: : إنهم ليعذبون عذابا تسمعه البهائم))([27][9]).
ومن دعائه وبعد التشهد الأخير: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال))([28][10]).
ولكن ما هي ألاسباب الداعية الى عذاب القبر:
من اول هذه الاسباب التهاون في الطهارة وسوء الخلق: للحديث: ((إن النبي مر على قبرين فقال: إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير، أما هذا فكان لا يستنزه من البول، وأما هذا فكان يمشي بالنميمة))([29][11]).
النميمة نقل الكلام للإفساد بين الناس والتنزه هو الاستبراء والتطهر للحديث: ((تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه))([30][12]).
ومن الاسباب ايضا التهاون في الوضوء وتركه نصرة أخيه المظلوم للحديث: ((أمر بعبد من عبيد الله أن يجلد في قبره مائة جلدة فما زال يسأل الله عز وجل حتى صارت جلده فلما ضرب اشتعل عليه قبره نارا فلما أفاق قال: علام جلدتموني؟، فقيل له: إنك صليت صلاة من غير طهور ومررت على مظلوم فلم تنصره))([31][13]).
ومن المصائب ان الكثير منا من أمة الإسلام واقع في هذا الإثم وهو عدم نصرة المظلوم فكم من مستصرخ أو مستنجد تستباح أرضه اوعرضه او ماله ، وأمة الإسلام لاهية سائرة في عبثها ولهوها.
3- ومن اسباب عذاب القبر جريمة كالسرقة: كان رجل يقال له كركرة على متاع رسوله فمات فقال النبي : ((هو في النار وإن الشملة تشتعل عليه نارا في قبره)) فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلها))رواه البخارى ومالك . والغلول: السرقة من الغنيمة. والشملة: هي الكساء من الصوف يتغطى به.
يقول ابن القيم رحمه الله: فعذاب القبر عن معاصي القلب والعين والأذن واللسان والبطن والفرج واليد والرجل، ولما كان أكثر الناس كذلك كان أكثر أصحاب القبور معذبين والفائز منهم قليل فظواهر القبور تراب وبواطنها حسرات([32][15]).
ولكن مع هذا العذاب الذى تقشعر له الابدان يأتى الامل فى النجاة من عذاب القبر فأسباب النجاة من عذاب القبر:
1- ان من أعظم أسباب النجاة من عذاب القبر هي الشهادة في سبيل الله فنسأل الله أن يبلغنا إياها بمنه وكرمه أمين.
سئل رسول الله : ((ما بال الشهداء لا يفتنون في قبورهم؟ فقال: كفى ببارقة السيف على رأسه فتنة))([33][16]).ويقول: ((إن للشهيد عند الله سبع خصال: أن يغفر له من أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويحلّى حلة الإيمان، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا و ما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه))([34][17]).
2- وكذلك المداومة على قراءة سورة تبارك للحديث: ((إن في القرآن سورة ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له))([35][18]).
3- وكذلك الأعمال الصالحة الخالصة: للحديث: ((إن الميت إذا وضع في قبره، إنه يسمع خفق نعالهم حين يولوا مدبرين فإن كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه وكان الصيام عن يمينه وكانت الزكاة عن شماله وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلاة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه فيؤتى من قبل رأسه فتقول الصلاة: ما قبلي مدخل ثم يؤتي عن يمينه فيقول الصيام: ما قبلي مدخل، ثم يؤتي عن يساره فتقول الزكاة: ما قبلي مدخل ثم يؤتي من قبل رجليه فيقول فعل الخيرات من الصدقة والمعروف والإحسان: ما قبلي مدخل))([36][19]).
4- وكذلك أن يموت يوم الجمعة أو ليلتها: للحديث: ((من مات ليلة الجمعة أو يوم الجمعة أجير من عذاب القبر وجاء يوم القيامة وعليه طابع الشهداء))([37][20]).
5- وكذلك المرابط في سبيل الله: للحديث: ((رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه وأمن الفتان))([38][21]).
6- وكذلك أن يحاسب العبد نفسه ويجدد توبته قبل النوم، يقول ابن القيم رحمه الله: ومن أنفع الأسباب المنجية من عذاب القبر أن يجلس الرجل عندما يريد النوم لله ساعة يحاسب نفسه فيها على ما خسره وربحه في يومه ثم يجدد له توبة نصوحا، ويفعل هذا كل ليلة فإن مات من ليلته تلك مات على توبة وإن استيقظ استيقظ مستقبلا للعمل مسرورا بتأخر أجله حتى يستقبل ربه ويستدرك ما فاته([39][22]).
ولا سيما إذا أعقب ذلك استعمال السنن عند النوم.
7- وكذلك الدعاء للميت والاستغفار والصدقة عنه ووفاء ديونه وقضاء ما قصر فيه من حج فإنه له نفع للأحاديث: ((كان النبي إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل))([40][23]).
أن رجلا أتى النبي فقال: ((يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها (فاجأها الموت) ولم توص واظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم))([41][24]).
وأما موقف المسلم من عذاب القبر ونعيمة :
الإيمان المطلق والتصديق الذي لا شك فيه فالله ربنا ونحن عبيده، ورسول الله نبينا ونحن أتباعه وصدق الله العظيم: ومن أصدق من الله حديثا [النساء:87]. وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى [النجم:3-4].
إن عذاب القبر ونعيمه غيب كما أن الجنة والنار والملائكة غيب ومن سمات المؤمنين
انهم دائما ابدا انهم يسلمون ويؤمنون بما جاء اليهم ولهم من الله تعالى ومن رسوله الكريم فهم المؤمنون الذين وصفهم الحق سبحانه قال تعالى: الذين يؤمنون بالغيب [البقرة:3]. ومن الايمان بالغيب ان نؤمن بما جاء الينا وما ورد الينا من الامور الغيبية ومنها نعيم القبر وعذابه , هذا مبلغ علمى فيما عرضت واستغفر الله لى ولكم ، واسأل الله لى ولكم ان ينجينا من عذاب القبر انه ولى ذلك والقادر عليه ، اللهم افسح لنا فى قبورنا واجعلها روضة من رياض الجنة ، ولا تجعلها حفرة من حفر النيران يارب العالمين واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين .
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
اخيكم فى الله
الشيخ محسن عطالله / ابو بهاء المصرى
امام وخطيب مسجد المختار
الحمد لله الذي كتب على عباده الموت والفناء، وتفرد سبحانه بالحياة والبقاء، والصلاة والسلام على من ختمت به الرسل والأنبياء وعلى آله وأتباعه إلى يوم اللقاء .
اخوانى واخواتى :
هذه هى الحلقة الثالثة من سلسلة وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين والتى هى عن الموت وما بعده
وفى اللقاء السابق تحدثت معكم عن حقيقة الموت وبينت من خلال اللقاء ان الموت هو الحقيقة الكبرى فى هذه الحياة، الحقيقة التى لا يمارى فيها احد ولا يستطيع انكارها احد من بنى البشر. ثم التقيت بكم فى اللقاء الثانى لنتدارس مرحلة من مراحل الموت وهى سكرات الموت وشدتها ، واليوم بمشيئة الله تعالى وعونه وتوفيقه احدثكم عن اول منازل الاخرة ، احدثكم عن القبر وظلمته ، القبر وضمته , انجانا الله جميعا من عذاب القبر .
اخوانى واخواتى
قال تعالى: حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون [المؤمنون:99-100].
هذه مقولة يقولها الكافر عند الاحتضار ثم ما يقوله في قبره في لهفة وتمنى يريد أن يرجع إلى الدنيا حتى يعمل صالحا وهيهات هيهات وأن له الرجعى ، وبالله عليكم اجيبونى هل رأيتم او سمعتم عن احد من الناس مات وقبر ثم عاد الى دار الدنيا ليبدل اعماله التى كان قد عملها قبل الموت ؟ لا والله ما سمعنا بهذا وما رأينا ذلك ، يقول قتادة رحمه الله: إن الكافر لن يطلب أن يعود إلى مال أو أهل أو ولد إنما يتمنى أن يرجع إلى الدنيا حتى يعمل صالحا، فرحم الله امرأ عمل فيما يتمناه الكافر عندما يرى العذاب، والبرزخ الحاجز بين الدنيا والآخرة، وهي القبور حيث يُنعّم المؤمنون ويُعذّب الكافرون والعاصون والمجرمون.
فما هوالقبر؟ وما صفته؟ وهل للقبر عذاب؟ وما أسبابه؟ وكيف النجاة منه؟
القبر: أول هو منازل الآخرة، يكرم فيه المؤمن تهيئة لما ينتظره في الجنة ويعذب فيه الكافر والعاصي تهيئة لما ينتظره في جهنم.
وينبغي أن نعلم جميعا :
أن الموت كأس وكل الناس شاربه قال تعالى: كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام [الرحمن :26-27]. كل نفس ذائقة الموت [آل عمران:185]. كل شيء هالك إلا وجهه [القصص:88]. فلا منجى ولا مهرب.
الموت كأس وكل الناس شاربه ليت شعرى بعد الموت ما الدار
الدار دار نعيم ان عملت بما يرضى الاله وان خالفت فالنار
ما للعباد سوى الفردوس ان عملوا وان هفوا هفوة فالرب غفار
اخوانى واخواتى
قد يسأل سائل ، ما حكم زيارة القبور ؟ نقول وبالله التوفيق
إن زيارة القبور مستحبة لقوله : ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنها تذكركم الآخرة))([1][1]).
لما فيها من التذكر والاعتبار وكان عثمان بن عفان إذا وقف على قبر بكى حتى تبتل لحيته فسئل عن ذلك وقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتبكي إذا وقفت على قبر؟ فقال: سمعت رسول الله يقول: ((إن القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه صاحبه فما بعده أيسر وإن لم ينج منه فما بعد أشد))([2][2]).
يقول ابن القيم رحمه الله: كان النبي إذا زار القبور يزورها للدعاء لأهلها والترحم عليهم والاستغفار لهم ومر يوما بقبور المدينة، فأقبل عليهم بوجهه فقال: ((السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر))([3][3]).
وتأملوا معى فى زيارة النبى للقبور كانت الزيارة للعظة والاعتبار ، ولم تكن الزيارة كما يفعل الجهال منا الان بأن يذهبوا الى القبور وكأنهم فى رحلة ترفيهية يحملون معم ما لذ وطاب من الوان الطعام والادهى من ذلك قد تشاهدون من يحمل معه بعض الوان المعازف وتراهم يغنون ويرقصون الا من رحم ربى ولا حول ولا قوة الا بالله
وقد ورد أن الربيع بن خثيم كان قد حفر في داره قبر فكان إذا وجد في قلبه قسوة دخل فيه فاضطجع فى هذا القبر ثم يصرخ ويقول (رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت) ثم يرد على نفسه وبعد ان يخرج من قبره مسرعا : يا ربيع ها انت قد رجعت فاعمل، ووقفة على القبور تريك الأعمار المتفاوتة، ومآلك إلى هذه الحفرة الضيقة، فناء هذه الأبدان التي أوليتها اهتمامك، تركك وحيدا فلا زوجة ولا ولد.
وأما صفة القبر: او ما يحدث فى القبر فاعلم أن للقبر:
أ- كلام . القبر يتكلم مع المقبور مع الميت : للحديث: ((إن الميت يقعد وهو يسمع خطو مشيعيه فلا يكلمه شيء إلا قبره ويقول: ويحك ابن آدم أليس قد حذرتني وحذرت ضيقي ونتني ودودي فماذا أعددت لي؟))([4][4]).
ب- ان للقبر ضمة: للحديث: ((للقبر ضغطة لو نجا منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ)) وفي رواية: ((هذا الذي تحرك له العرش، وفتحت له أبواب السماء، وشهد له سبعون ألفا من الملائكة لقد ضم ضمة ثم فرج عنه))([5][5]).
ج- ان للقبر فتنة: اتفق أهل السنة والجماعة على أن كل إنسان يسئل بعد موته قبر أم لم يقبر فلو أكلته السباع أو صار رمادا لسئل عن أعماله وجزي بالخير خيرا وبالشر شرا: للحديث: ((إن الميت إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع خفق نعالهم، أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد؟ فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله قال: فيقول: انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة، وأما الكافر والمنافق فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري كنت أقول ما يقول الناس، فيقولان: لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطراق من حديد بين أذنيه فيصيح صيحة فيسمعها من عليها غير الثقلين))([6][6]).
وهنا يأتى السؤال هل للقبر عذاب؟: والاجابة على ذلك إن عذاب القبر ثابت في الكتاب والسنة.
من الكتاب
1- قال تعالى: ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون [السجدة:21]. قال ابن عباس: جزء منه في الدنيا والنصيب الأكبر منه في القبر والعذاب الأكبر هو عذاب جهنم، قال مجاهد: يعني به عذاب القبر.
2- قوله تعالى: وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب [غافر:45-46].
قال ابن كثير: وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبر([7][7]). حيث أثبت سبحانه لآل فرعون عذابا في الليل والنهار ويوم تقوم الساعة ينتقلون إلى العذاب الأكبر في جهنم.
قوله تعالى: ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون [الأنعام:93]. فالأمر لا يتأخر إلى انقضاء الدنيا فهم يعذبون قبل قيام الساعة الكبرى وهو عذاب القبر.
ب- ومن الحديث:
حديث: ((القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار))([8][8]).
((لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يريكم عذاب القبر فقالت أم بشر: وهل للقبر عذاب؟ فقال: : إنهم ليعذبون عذابا تسمعه البهائم))([9][9]).
ومن دعائه وبعد التشهد الأخير: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال))([10][10]).
ما هي أسباب عذاب القبر:
1- التهاون في الطهارة وسوء الخلق: للحديث: ((إن النبي مر على قبرين فقال: إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير، أما هذا فكان لا يستنزه من البول، وأما هذا فكان يمشي بالنميمة))([11][11]).
النميمة نقل الكلام للإفساد بين الناس والتنزه هو الاستبراء والتطهر للحديث: ((تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه))([12][12]).
2- التهاون في الوضوء وتركه نصرة أخيه المظلوم للحديث: ((أمر بعبد من عبيد الله أن يجلد في قبره مائة جلدة فما زال يسأل الله عز وجل حتى صارت جلده فلما ضرب اشتعل عليه قبره نارا فلما أفاق قال: علام جلدتموني؟، فقيل له: إنك صليت صلاة من غير طهور ومررت على مظلوم فلم تنصره))([13][13]).
وأمة الإسلام واقعة في هذا الإثم فكم من مستصرخ أو مستنجد تستباح أرضهم وأعراضهم وأمة الإسلام لاهية سادرة في عبثها ولهوها.
3- أو جريمة كالسرقة: كان رجل يقال له كركرة على متاع رسوله فمات فقال النبي : ((هو في النار وإن الشملة تشتعل عليه نارا في قبره)) فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلها))([14][14]). والغلول: السرقة من الغنيمة. والشملة: هي الكساء من الصوف يتغطى به.
يقول ابن القيم رحمه الله: فعذاب القبر عن معاصي القلب والعين والأذن واللسان والبطن والفرج واليد والرجل، ولما كان أكثر الناس كذلك كان أكثر أصحاب القبور معذبين والفائز منهم قليل فظواهر القبور تراب وبواطنها حسرات([15][15]).
وأما أسباب النجاة من عذاب القبر:
1- أعظم أسباب النجاة من عذاب القبر هي الشهادة في سبيل الله فنسأل الله أن يبلغنا إياها بمنه وكرمه أمين.
سئل رسول الله : ((ما بال الشهداء لا يفتنون في قبورهم؟ فقال: كفى ببارقة السيف على رأسه فتنة))([16][16]).ويقول: ((إن للشهيد عند الله سبع خصال: أن يغفر له من أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويحلّى حلة الإيمان، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا و ما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه))([17][17]).
2- المداومة على قراءة سورة تبارك للحديث: ((إن في القرآن سورة ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له))([18][18]).
3- الأعمال الصالحة الخالصة: للحديث: ((إن الميت إذا وضع في قبره، إنه يسمع خفق نعالهم حين يولوا مدبرين فإن كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه وكان الصيام عن يمينه وكانت الزكاة عن شماله وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلاة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه فيؤتى من قبل رأسه فتقول الصلاة: ما قبلي مدخل ثم يؤتي عن يمينه فيقول الصيام: ما قبلي مدخل، ثم يؤتي عن يساره فتقول الزكاة: ما قبلي مدخل ثم يؤتي من قبل رجليه فيقول فعل الخيرات من الصدقة والمعروف والإحسان: ما قبلي مدخل))([19][19]).
4- أن يموت يوم الجمعة أو ليلتها: للحديث: ((من مات ليلة الجمعة أو يوم الجمعة أجير من عذاب القبر وجاء يوم القيامة وعليه طابع الشهداء))([20][20]).
5- المرابط في سبيل الله: للحديث: ((رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه وأمن الفتان))([21][21]).
6- أن يحاسب العبد نفسه ويجدد توبته قبل النوم، يقول ابن القيم رحمه الله: ومن أنفع الأسباب المنجية من عذاب القبر أن يجلس الرجل عندما يريد النوم لله ساعة يحاسب نفسه فيها على ما خسره وربحه في يومه ثم يجدد له توبة نصوحا، ويفعل هذا كل ليلة فإن مات من ليلته تلك مات على توبة وإن استيقظ استيقظ مستقبلا للعمل مسرورا بتأخر أجله حتى يستقبل ربه ويستدرك ما فاته([22][22]).
ولا سيما إذا أعقب ذلك استعمال السنن عند النوم.
7- الدعاء للميت والاستغفار والصدقة عنه ووفاء ديونه وقضاء ما قصر فيه من حج فإنه له نفع للأحاديث: ((كان النبي إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل))([23][23]).
أن رجلا أتى النبي فقال: ((يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها (فاجأها الموت) ولم توص واظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم))([24][24]).
وأما موقف المسلم:
الإيمان المطلق والتصديق الذي لا شك فيه فالله ربنا ونحن عبيده، ورسول الله نبينا ونحن أتباعه وصدق الله العظيم: ومن أصدق من الله حديثا [النساء:87]. وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى [النجم:3-4].
إن عذب القبر ونعيمه غيب كما أن الجنة والنار والملائكة غيب ومن سمات المؤمنين قال تعالى: الذين يؤمنون بالغيب [البقرة:3].
إن للنفس أربع دور كل دار أعظم من التي قبلها.
الأولى (في بطن الأم) حيث يتخلق فيه وتنفخ فيه الروح.
الثانية (دار الدنيا) وفيها يكتسب العبد الحسنات والسيئات.
الثالثة (دار البرزخ) وهي أوسع ونسبتها إليه كنسبة هذه الدار إلى الأولى.
الرابعة (دار القرار) وهي الجنة أو النار فلا دار بعدها: فتبارك الله أحسن الخالقين [المؤمنون:14].
قال ابن كثير: وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبر([25][7]). حيث أثبت سبحانه لآل فرعون عذابا في الليل والنهار ويوم تقوم الساعة ينتقلون إلى العذاب الأكبر في جهنم.
قوله تعالى: ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون [الأنعام:93]. فالأمر لا يتأخر إلى انقضاء الدنيا فهم يعذبون قبل قيام الساعة الكبرى وهو عذاب القبر.
ب- ومن الحديث:
حديث: ((القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار))([26][8]).
((لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يريكم عذاب القبر فقالت أم بشر: وهل للقبر عذاب؟ فقال: : إنهم ليعذبون عذابا تسمعه البهائم))([27][9]).
ومن دعائه وبعد التشهد الأخير: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال))([28][10]).
ولكن ما هي ألاسباب الداعية الى عذاب القبر:
من اول هذه الاسباب التهاون في الطهارة وسوء الخلق: للحديث: ((إن النبي مر على قبرين فقال: إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير، أما هذا فكان لا يستنزه من البول، وأما هذا فكان يمشي بالنميمة))([29][11]).
النميمة نقل الكلام للإفساد بين الناس والتنزه هو الاستبراء والتطهر للحديث: ((تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه))([30][12]).
ومن الاسباب ايضا التهاون في الوضوء وتركه نصرة أخيه المظلوم للحديث: ((أمر بعبد من عبيد الله أن يجلد في قبره مائة جلدة فما زال يسأل الله عز وجل حتى صارت جلده فلما ضرب اشتعل عليه قبره نارا فلما أفاق قال: علام جلدتموني؟، فقيل له: إنك صليت صلاة من غير طهور ومررت على مظلوم فلم تنصره))([31][13]).
ومن المصائب ان الكثير منا من أمة الإسلام واقع في هذا الإثم وهو عدم نصرة المظلوم فكم من مستصرخ أو مستنجد تستباح أرضه اوعرضه او ماله ، وأمة الإسلام لاهية سائرة في عبثها ولهوها.
3- ومن اسباب عذاب القبر جريمة كالسرقة: كان رجل يقال له كركرة على متاع رسوله فمات فقال النبي : ((هو في النار وإن الشملة تشتعل عليه نارا في قبره)) فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلها))رواه البخارى ومالك . والغلول: السرقة من الغنيمة. والشملة: هي الكساء من الصوف يتغطى به.
يقول ابن القيم رحمه الله: فعذاب القبر عن معاصي القلب والعين والأذن واللسان والبطن والفرج واليد والرجل، ولما كان أكثر الناس كذلك كان أكثر أصحاب القبور معذبين والفائز منهم قليل فظواهر القبور تراب وبواطنها حسرات([32][15]).
ولكن مع هذا العذاب الذى تقشعر له الابدان يأتى الامل فى النجاة من عذاب القبر فأسباب النجاة من عذاب القبر:
1- ان من أعظم أسباب النجاة من عذاب القبر هي الشهادة في سبيل الله فنسأل الله أن يبلغنا إياها بمنه وكرمه أمين.
سئل رسول الله : ((ما بال الشهداء لا يفتنون في قبورهم؟ فقال: كفى ببارقة السيف على رأسه فتنة))([33][16]).ويقول: ((إن للشهيد عند الله سبع خصال: أن يغفر له من أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويحلّى حلة الإيمان، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا و ما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه))([34][17]).
2- وكذلك المداومة على قراءة سورة تبارك للحديث: ((إن في القرآن سورة ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له))([35][18]).
3- وكذلك الأعمال الصالحة الخالصة: للحديث: ((إن الميت إذا وضع في قبره، إنه يسمع خفق نعالهم حين يولوا مدبرين فإن كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه وكان الصيام عن يمينه وكانت الزكاة عن شماله وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلاة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه فيؤتى من قبل رأسه فتقول الصلاة: ما قبلي مدخل ثم يؤتي عن يمينه فيقول الصيام: ما قبلي مدخل، ثم يؤتي عن يساره فتقول الزكاة: ما قبلي مدخل ثم يؤتي من قبل رجليه فيقول فعل الخيرات من الصدقة والمعروف والإحسان: ما قبلي مدخل))([36][19]).
4- وكذلك أن يموت يوم الجمعة أو ليلتها: للحديث: ((من مات ليلة الجمعة أو يوم الجمعة أجير من عذاب القبر وجاء يوم القيامة وعليه طابع الشهداء))([37][20]).
5- وكذلك المرابط في سبيل الله: للحديث: ((رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه وأمن الفتان))([38][21]).
6- وكذلك أن يحاسب العبد نفسه ويجدد توبته قبل النوم، يقول ابن القيم رحمه الله: ومن أنفع الأسباب المنجية من عذاب القبر أن يجلس الرجل عندما يريد النوم لله ساعة يحاسب نفسه فيها على ما خسره وربحه في يومه ثم يجدد له توبة نصوحا، ويفعل هذا كل ليلة فإن مات من ليلته تلك مات على توبة وإن استيقظ استيقظ مستقبلا للعمل مسرورا بتأخر أجله حتى يستقبل ربه ويستدرك ما فاته([39][22]).
ولا سيما إذا أعقب ذلك استعمال السنن عند النوم.
7- وكذلك الدعاء للميت والاستغفار والصدقة عنه ووفاء ديونه وقضاء ما قصر فيه من حج فإنه له نفع للأحاديث: ((كان النبي إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل))([40][23]).
أن رجلا أتى النبي فقال: ((يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها (فاجأها الموت) ولم توص واظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم))([41][24]).
وأما موقف المسلم من عذاب القبر ونعيمة :
الإيمان المطلق والتصديق الذي لا شك فيه فالله ربنا ونحن عبيده، ورسول الله نبينا ونحن أتباعه وصدق الله العظيم: ومن أصدق من الله حديثا [النساء:87]. وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى [النجم:3-4].
إن عذاب القبر ونعيمه غيب كما أن الجنة والنار والملائكة غيب ومن سمات المؤمنين
انهم دائما ابدا انهم يسلمون ويؤمنون بما جاء اليهم ولهم من الله تعالى ومن رسوله الكريم فهم المؤمنون الذين وصفهم الحق سبحانه قال تعالى: الذين يؤمنون بالغيب [البقرة:3]. ومن الايمان بالغيب ان نؤمن بما جاء الينا وما ورد الينا من الامور الغيبية ومنها نعيم القبر وعذابه , هذا مبلغ علمى فيما عرضت واستغفر الله لى ولكم ، واسأل الله لى ولكم ان ينجينا من عذاب القبر انه ولى ذلك والقادر عليه ، اللهم افسح لنا فى قبورنا واجعلها روضة من رياض الجنة ، ولا تجعلها حفرة من حفر النيران يارب العالمين واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين .
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
اخيكم فى الله
الشيخ محسن عطالله / ابو بهاء المصرى
امام وخطيب مسجد المختار