الحمد لله رب العالمين ، احمدك ربى حمدا يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك
واشهد الا اله الا الله وحده لاشريك له ، واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه بلغ الرسالة وادى الامانة وكشف الله به الغمة ونصح للامة وجاهد فى الله حق جهاده حتى اتاه اليقين اللهم صلى وسلم وزد وبارك على المبعوث رحمة للعالمين وعلى اله واصحابه واتباعه الى يوم الدين
اما بعد
احبابى احباب رسول الله
سؤال طرحه النبى الكريم على صحابته الكرام فقال لهم متسائلا أتدرون من المفلس ؟
وتعالوا لنذهب سريعا الى الحبيب فيما رواه مسلم فى صحيحة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتدرون من المفلس ؟ قالوا:المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع , قال صلى الله عليه وسلم : إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة , ويأتي وقد شتم هذا ,وقذف هذا , وأكل مال هذا , وسفك دم هذا , وضرب هذا , فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته من قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار ) رواه مسلم)
احبابى احباب رسول الله :
أصيبت الأمة الإسلامية في هذا العصر بأزمات أخلاقية وعقائدية شديدة جعلتها عرضة لغضب الله عز وجل ، فحل ما حل بالأمة من ذل وهوان واستطالة الأعداء واستطالة احقر خلق الله ، عليها حتى وصل الامر الى الاستهانة بكل ما هو اسلامى، وبكل رمز من رموز الاسلام , لذا يتوجب على المسلم الغيور على دينه والذي يحب الله عز وجل ورسوله حبا صادقا أن يعمل على إعادة مجد الإسلام والمسلمين وعزهم ، وخدمة هذا الدين بكل ما أوتي من قوة ، وخدمة هذا الدين انما تكون بالمال والنفس والوقت والكلمة الصادقة ، و يتوجب علي المخلصين من ابناء هذه الامة، عدم التوقف عن ذلك ، خدمة للإسلام والمسلمين حتى نتجنب غضب الله عز وجل علينا في الدنيا ، بما نراه الان من العقوبة الإلهية من قلة الأمطار و انتشار الأمراض بين المسلمين وغلاء الغذاء والاسعار و زيادة الفقر والفقراء وما يحصل لنا من ذلك و لإخواننا المسلمين في شتى بقاع الأرض لهو خير دليل على بعدنا عن الله فحق علينا ما نحن فيه ، حتى هُنّا عند الله تعالى في الدنيا ، وكل ذلك وغيره مما يحدث لنا ، انما هو نتيجة حتمية بسبب ما يحصل الآن من المسلمين من غفلة وبعد عن تعاليم الله من ترك للواجبات وفعل للمنكرات وسوء في الأخلاق ، انه أمر خطير له عواقبه الوخيمة على الفرد وعلى الأمة ككل في الدنيا والآخرة وأخطر هذه العواقب هي الذل والهوان في الدنيا والتشتت والضياع, وأما في الآخرة فسوف نكتشف حقيقة مرة على النفس يوم الحساب إن لم نتدارك الوضع المذرى للمسلمين ، ونعمل على تغيير أنفسنا ، وتتمثل هذه الحقيقة التى غفلنا عنها فى الإفلاس، وليس المقصود بالافلاس ، الافلاس المالى او المادى انما المقصود الافلاس من الاعمال الصالحة المخلصة ، هذا الافلاس يؤدى بنا الى دخول النار رغم أدائنا للشعائر التعبدية ، من صلاة وصيام وحج وزكاة ، ولكن على الجانب الاخر نجد كثرة ذنوبنا والناتجة عن غفلتنا وحبنا الشديد للحياة الدنيا ، ويرجع ذلك على أحسن تقدير الى الفهم الخاطئ للدين وحقيقة الالتزام , حيث يفرق المسلم ، بين الشعائر التعبدية والأخلاق ويكون إنسان بصفات مزدوجه فتراه يصلي ويأكل الحرام ، يصوم ويكثر الغيبة والنميمة ، يحج ويفسق ، وما ذلك إلا الإفلاس بعينه
يقول الشيخ الغزالي رحمه الله :
( الصلاة والصيام والزكاة والحج ، وما أشبه هذه الطاعات من تعاليم الإسلام ، هي مدارج الكمال المنشود ، وروافد التطهر الذي يصون الحياة ويعلي شأنها ، ولهذه السجايا الكريمة التي ترتبط بها أو تنشأ عنها أعطيت منزلة كبيرة في دين الله ، فإذا لم يستفد المرء منها ما يزكي قلبه وينقي لبه، ويهذب بالله وبالناس صلته فقد هوى) لذا كان حرى على كل عاقل حصيف أن يتوقف ولو لبرهة من الزمان ليحاسب نفسه ويعيد تقييم ذاته عسى أن يتجنب غضب الله عليه في الدنيا و أن يكون من الناجين الفالحين الفائزين يوم القيامة . ولقد ورد عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال : حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا وزنوا اعمالكم قبل ان توزن عليكم
احبابى الكرام احباب رسول الله:
إعلموا أن الدنيا مزرعة الآخرة حيث يقول الله عز وجل:-
( تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ والْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) (2) سورة الملك ويقول عز وجل (وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ) (197) سورة البقرة لذا حري بالمسلم الناصح الامين أن يتزود من هذه الدنيا القصيرة بالأعمال الطيبة الصالحة قدر استطاعته لنيل الحياة الطيبة الحياة الأبدية، التى لاشقاء فيها ولا ألم، انها حياة الجنة ونعيمها بل الفردوس الأعلى ونعيمه بل مجاورة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ورؤية وجه الله الكريم , وفي مقابل ذلك يتجنب قدر استطاعته فعل المنكرات والسيئات التي تأكل الحسنات وتنقص من أجره يوم القيامة إلى درجة انه يأتى يوم القيامة وهو مفلس الحسنات والعياذ بالله
وللاسف قد يظن المسلم أنه على خير في هذه الدنيا وهو على ضلال قال الله عز وجل (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا 103 الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) 104 سورة الكهف , لذا أحببت أن أبين هذه الحقيقة المرة على النفس وهي أن المسلم قد يكون مفلسا يوم القيامة ظانا في نفس الوقت أنه على خير عظيم
فما احوجنا الى أن نتدارك الوضع قبل فوات الأوان و نعمل قدر استطاعتنا على إعادة تقييم ذاتنا وتزكية أنفسنا وذلك بالتحلي بالأخلاق الفاضلة والتخلي عن الأخلاق الرذيلة حتى نتجنب عذاب الله في الدنيا والآخرة وحتى تتجنب الأمة أمتنا الاسلامية جميعا غضب الله عز وجل ويتغير حالها حيث يقول الله عز وجل (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ) سورة الرعد (11),
كتبه راجى عفو الله
الشيخ: محسن عطالله / ابو بهاء المصرى
امام وخطيب مسجد المختار